بين حين وآخر يصدمنا الشويعر عامر السعيدي، بكلام أو قصيدة، ينفث فيها كلاماً خطيراً يمس مقدساتنا وديننا، وهو كغيره من الشباب الجاهل الذين يبتغون الشهرة بالنيل من شعائر الدين ومقدساته. وآخر سقطاته هو النيل والتعريض من الصحابي الجليل خالد بن الوليد سيف الله المسلول، بدون أي داع وبطريقة لا تنبئ عن جهله وعماوته فحسب بل سقوطه وانحداره إلى قاع الثقافة والأدب.
استشهد القائد أمين الوائلي رحمه الله كما استشهد غيره من القادة والأبطال، ونعاه الناس ومدحوه وأثنوا عليه ، لكن ما الداعي أن تستدعي اسم خالد بن الوليد وتعرض به وتلمزه بالجبن وتنتقص من مكانته ؟! هل هناك سبب إلا ما توغره بعض الصدورمن الحقد على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رموزنا الإسلامية وعلى مقدساتنا..
وقوف السعيدي وأمثاله في الصف الجمهوري لا يزيده إلا ضعفاً وخلخلة للصفوف، ولن تنتصر الجمهورية ضد أعدائها بمثل هؤلاء الغلمان المتطاولين. الذين يريدون الشهرة والتكسب عبر جرح مشاعر اليمنيين والتطاول على دينهم وعلى مقدساتهم، خصوصاً واليمن تقف في مواجهة طائفة تقدح في أصول الدين وفي صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وإنما تنتصر الجمهورية والدولة برجالها الأبطال الأحرار أصحاب القيم والمثل العليا كالقائد أمين الوائلي رحمه الله وتقبله في عليين، والذي أجزم يقيناً أنه لو سمع هذا الكلام لكان رد على هذا المتطاول بأقوى رد نتخيله.
وبالمناسبة فإن هذا الشويعر الصغير قد تطاول وقدح على كل قيادات الشرعية السياسية والعسكرية ولا زال (ومن ضمنهم الوائلي الذي يتباكى عليه اليوم زوراً) بأنواع الكلام البذيء أثناء معركة حجور (قريته)، لكن هذا شيء والقدح واللمز بالباطل والضلال على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى مقدسات الدين شيء آخر.
أما خالد بن الوليد رضي الله عنه فهو صحابي جليل وسيف من سيوف الله سله الله على الكافرين والمنافقين. لم يعرف التاريخ جنديًّا أخلص منه لدينه، ولا أقدم منه إلى غايته، ولا يعرف نفسًا أطهر من نفسه، ولا سيفًا أمضى من سيفه. الجندي الذي مشى في كل وادٍ، وصعد كلَّ جبلٍ، خاض الصحاري، وعبر الأنهار، وجاب الأرض كلَّها حتى نصب للإسلام على كلِّ رابيةٍ رايةً، وأبقى للإسلام في كلِّ أرضٍ وطنًا لا تقوى على استلابه من أهله مِرْدَة الشياطين.
شهد مؤتة والفتح وحُنَيْنًا، وحارب أهل الرِّدَّة، وغزا العراق، وشهد حروب الشام، وهدم العُزَّى فلا عُزَّى بعدها. قاتل الأعداء من كلِّ الأجناس، وصارع الأبطال، وبارز الشجعان، ولم يبقَ في جسده قيدَ شِبْرٍ إلاَّ وعليه طابع الشهداء، ثم بعد ذلك ما مات إلا على فراشه! فلا نامت أعين الجبناء.
يكفي دليلاً على شدَّة بأسه وإقدامه أنه قاتل في مؤتة قتالاً مريرًا، حتى تكسرت تسعةُ أسيافٍ في يده، لولا أنَّ البخاريَّ أخرج ذلك في "صحيحه"؛ لما كان يُصَدَّق.
ويوم الوَلَجَة في حرب الفرس؛ جَبُن الناس عن فارسٍ كان يَعْدِلُ في الحرب ألف رجلٍ، فخرج إليه خالدٌ، فبارزه فصرعه. وما قابلَ جيشٌ جيش خالدٍ إلاَّ كان مهزومًا، وما ذاق خالدٌ طعم الهزيمة، لا في الجاهلية ولا في الإسلام.
ومع شجاعته وإقدامه، ورغم كثرة المعارك التي حضرها، والجراح التي أصابت جسده؛ حتى ما فيه موضعُ شِبْرٍ إلاَّ وفيه جرحٌ؛ فإن الله تعالى كتب له السَّلامة في حروبه، وقدَّر له أن يموت على فراشه. يقول رضيَ الله عنه: "لقد حضرتُ مائة زحفٍ أو زهاءَها، وما في جسدي موضعُ شِبْرٍ إلاَّ وفيه ضربة أو طعنةٌ أو رميةٌ، وها أنا أموت على فراشي كما يموت العَيْر؛ فلا نامت أعين الجبناء".
عن أبي وائل قال: لما حضرتْ خالدًا الوفاة قال: "لقد طلبتُ القتلَ مظانَّه، فلم يُقَدَّر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عملي شيءٌ أرجى عندي بعد التوحيد من ليلة بتُّها وأنا متترسٌ، والسماء تُهِلني، ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار". ثم قال: "إذا مِتُّ فانظروا إلى سلاحي وفرسي، فاجعلوه عدَّةً في سبيل الله".
وأما سبب موته على فراشه وليس في المعركة، فهذا قدر مكتوب عليه، وإلا فحياته كلها كانت في المعارك وتحت ظلال السيوف، لكن ذكر بعض العلماء أن الحكمة من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لقبه بسيف من سيوف الله، ولا يليق بسيف الله المسلول أن يكسر بهزيمة أو قتل. رضي الله عنه وأرضاه . ولهذا كانت كل معاركه انتصار ولم يهزم في أي معركة خاضها، ولم يستطع أي أحد أن يقتله.
قال أبو زرعة: إذا رأيت الرجل ينتقص امرأً من الصحابة فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن حق والرسول حق وما جاء به الحق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق.
ملحوظة: ليست هذه بأولى سقطات السعيدي، فهو ينتظر استشهاد أحد القيادات الجمهورية الذين يحبهم الناس ويحزنون على فقدهم، فيقوم باستغلال هذه المناسبة بالتطاول على الدين وعلى المقدسات، فعندما استشهد القائد الشدادي رحمه الله ، قام بالتطاول حتى على مقام رب العالمين حيث قال :
"كنت وحدك
لا شيء قبلك
لا شيء بعدك
كنت وحدك".
هل يجوز ان يقال يقال هذا بحق مخلوق ؟! الله وحده هو الواحد والأول فليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء .. ونبرأ إليه من هذا القول وقائله.