كرر ثلاث مرات "نحن سعداء" هكذا يوصي مدربو التنمية البشرية المتدربين: لكي تكون سعيداً!!! بهذه الوصفة السهلة العجيبة يمكن اعتبار أننا سعداء .. ونشعر بالسعادة البالغة..
أما حسب معيار الأمم المتحدة للسعادة ، فاليمن هي أتعس دولة عربية، فهي في آخر الدول العربية في مقياس السعادة.. أما على مستوى العالم فنحن في المرتبة 152 في هذا المقياس ، بمعنى أننا رابع الدول التعيسة في العالم (يقع بعدنا في التعاسة جنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وبورندي)!!
وبهذا يكون نصيبنا من مقياس السعادة أننا مسجلين فيه "كمالة عدد" و"صناجة ميزان"، فحتى يعرف السعداء مقدار سعادتهم ومرتبتهم فيها لا بد أن يضموا إليهم الآخرين "التعساء" و "الأتعس" و"الأكثر تعاسة".
السعادة حالة عقلية أو عاطفية لا قياس لها ولا معيار متفق عليه.. إلا أن مؤشر السعادة العالمي نشأ قبل 11 سنة بعد دراسة قام بها معهد (ليغاتوم) عُرف بـ (مؤشر السعادة)، ارتكزت في تصنيفها للمؤشر، على إجراء دراسة شملت السكان في 142 دولة ، يشكلون 96% من سكان العالم.
المؤشر يقيس مدى السعادة في الدول والمجتمعات استناداً إلى دراسات واحصائيات متعددة. ويقيس السعادة بعدة أمور منها: مدى شعور الأفراد بالسعادة والرضا في حياتهم، والدول الأكثر سعادة غالباً ما تكون الدول الأكثر ثراء، إضافة إلى عوامل أخرى مساعدة مثل الدخل الإضافي، والدعم الاجتماعي، وغياب الفساد، ومستوى الحرية التي يتمتع بها الأفراد، ومستوى الرعاية الصحية. أيضاً يتضمن المؤشر الأمراض العقلية ونسبتها (في العادة الأكثر سعادة هم الأكثر بلاهة!!)
في عام 2011م قامت الأمم المتحدة بضم هذا المقياس إلى نشاطاتها (في نفس السنة التي فتحوا لنا فيها طريق التعاسة والمعاناة!!)، وصدر أول تقرير للسعادة العالمي في 4 أبريل 2012م حدد حالة السعادة العالمية وأسباب السعادة والبؤس والآثار المترتبة على السياسات التي أظهرتها دراسة الحالة.
السعادة حالة وليست سمة، فقد يكون الإنسان في يوم سعيداً وفي يوم آخر حزيناً ، فليست حالة دائمة ، إلا أن الشعور بالرضا والطمأنينة هي السعادة الأكثر عمقاً واستدامة، لا يجب الخلط بين السعادة وبين الفرح والنشوة والرفاهية، فكثير من الناس يعتقد أن السعادة هي المتعة في حفلة، أو الإثارة في تجارب جديدة وممتعة، أو اللذة في تناول وجبة شهية وما أشبه ذلك. هذه كلها تجارب رائعة نتلذذ بها ولكنها مظاهر للسعادة وليست السعادة ذاتها، فكم سمعنا عن أغنياء ومشاهير يعيشون حالة رفاهية عالية ومع ذلك يشعرون بالاكتئاب والحزن ويذهب بعضهم للمسكرات والمخدرات للشعور بسعادة موهومة لعدة ساعات أو أيام.. وربما يلجئون للانتحار، والعكس بالعكس.
ربما تكمن السعادة في تجربة الفرح أو الرضا أو الرفاهية الإيجابية، بالإضافة إلى الشعور بأن حياة المرء جيدة وذات مغزى وجديرة بالاهتمام. السعادة تكمن أيضاً عندما تعيش مع أسرة محبة عطوفة ومتآلفة يشعرون بالقيمة والتقدير فيما بينهم، أو بين أصدقاء رائعين تشعر معهم بالاحترام والمحبة والوفاء. فالسعادة هي الشيء الوحيد الذي لا يتحقق إلا عندما تتشارك فيه مع الآخرين، وأسْعَدُ الناس مَنْ أَسْعَدَ الناس.
تكمن السعادة أيضاً في طموح أو هدف حققته أو توشك على تحقيقه .
أما السعادة التي ليس لها نظير فهي ما يشعر به المؤمن عند أداء عبادة خاشعة اتصل بها مع خالقه كأنه يراه ويحظى برضاه ورضوانه، أو بموقف أخلاقي مخلص يرتاح به ضميره ويشعر أنه كتب في سجله ووقع عند الله موقع القبول.
تقسيم الناس إلى سعداء وتعساء تقسيم صحيح ، لكن السعادة الحقيقية الدائمة والخالدة بلا حدود هي السعادة الأخروية فهناك ينقسم الناس فعلاً (فمنهم شقي وسعيد)، فإذا أردت معرفة المعيار الرباني الحقيقي للسعادة فاقرأ (آيات السعداء والتعساء) الواردة بعد هذا التقسيم، ثم اسأل نفسك في أي فريق أنت.