في إحدى سنوات الجامعة كان يدرسنا دكتور فلسطيني مادة أصول الفقه، أول ما يدخل الفصل يقوم بتسجيل الحضور والغياب ، ثم يجلس على الكرسي ويغمض عينيه ويبدأ في الدرس ، ولا يفتحها إلا بعد انتهائه، كان كبير السن وله فترة كبيرة في التدريس فمن كثرة ترديد الدرس يكاد يحفظه ، ومع ذلك يفتح الكتاب المقرر أمامه إذا نسي استذكر منه .
كان محاضرته بالذات فرصة لمن يريد أن يغفو قليلاً .. أو لمن لديه كتاب يريد أن يقرأ منه .. والباقي يسرح بخياله هنا وهناك .. في أحد الأيام لا أدري ما الذي أيقظه في منتصف المحاضرة فقام يمشي بين الطلاب ومن سوء حظ أحد إخواننا الظرفاء أنه كان أول من وقع عليه نظره وهو يغط في نوم عميق .. بالكاد أيقظه وكان موقفاً مسرحياً ضج منه الطلاب بالضحك .. حتى الدكتور لأول مرة ابتسم في ذلك الفصل .. ومع ذلك سجله غائباً في تلك المحاضرة عقاباً له .
بالنسبة لي كنت استغل محاضرته في قراءة أحد الكتب .. وكنت قد فهمت طبيعته فكنت أذاكر مادته في بضعة أيام وأجيب على أسئلة الاختبار كما هو في الكتاب المقرر بلا زيادة أو نقصان ، فأحصل على أعلى درجة .
مقصدي من هذه القصة أن أغلب أساتذة الجامعة تختلف أساليبهم وطرق تدريسهم بحسب خبراتهم الذاتية وطباعهم الشخصية .. لا يتلقون أي مقرر منهجي في أساليب وطرق التدريس..
بعض الدكاترة لا زال يعتقد أن أسلوب التدريس في الجامعة لا يختلف عن التدريس لطلاب المدرسة.. التلقين والإلقاء الخطابي لملخص الموضوع المقرر.. وفي الأخير يحيلهم إلى المذكرة التي أعدها تلخيصاً للمقرر... حتى طرق التدريس المدرسية قد تغيرت وتحدثت ..
التدريس له طريقة والخطبة لها طريقة والمحاضرة لها طريقة والندوة لها طريقة واللقاء الاعلامي له طربقة.. الخ .. والموضوع المطروح .. ونوعية المتلقين وحجمهم يؤثر في كل ذلك ..