بعيداً عن الإحباطات والمآسي التي نعيشها في بلادنا.. أردت أن نلقي نظرة على أناس آخرين يعيشون على كوكب الأرض (ذاته).. حياتهم غير حياتنا .. واهتماماتهم غير اهتماماتنا .. وأوجاعهم غير أوجاعنا .. يعانون من رفاهية العيش ورتابة الراحة.. اهتماماتهم بسيطة وصغيرة تصل إلى حد التفاهة.. أكثر ما يزعجهم هو صوت ديك يشق عنان الصباح الباكر .. فيقطع عليهم أحلامهم الوردية ونومهم الهانئ ..
موريس هو بطل الريف الفرنسي .. هكذا لقبته الصحافة بعد انتشار قصته..
موريس ديك فرنسي مدلل يعيش في مزرعة في جزيرة "أوليرون" السياحية جنوب غربي فرنسا، كل ما يمتاز به موريس عن غيره من ديوك العالم أنه "ديك فرنسي" ولد وعاش في فرنسا.
يوماً ما أتى سائحان من المدينة ليقضيا الصيف في الريف، وانزعجا من صوت الديك، فرفعا قضية في المحكمة لإسكاته!
صاحبته هي السيدة "كورين فيسو" ، التي تملك الديك مويس منذ 6 سنوات، وتعامله بكل دلال واحترام كما نشاهد في إعلانات حليب البقر الهولندي.
مدام فيسو أصيبت بصدمة عندما طلب منها الجيران الجدد إسكات ديكها بأي طريقة لأنه يزعجهما، اعتبرت هذا الطلب إهانة لها وللديك وللعلاقة المقدسة التي تربط سكان الريف الفرنسي بأدياكهم ودجاجهم وأبقارهم..
ينزعج القادمون من مدن فرنسا النظيفة والعابقة بالعطور والورود عندما يذهبون للريف من روائح الحيوانات ومن أصواتهم .. وتنشأ نزاعات تصل إلى المحاكم وأقسام الشرطة بسبب ذلك !! ولا ندري كيف يكون الريف ريفاً بدون المزارع والحيوانات؟!
المحكمة حكمت لصالح الديك وأصحابه بأن من حق الديك أن يصيح كما يريد كغيره من ديوك العالم.
وحكموا على الشاكيين بتعويض صاحبة الديك عن إزعاج جيرانها لها.
أصبحت قضية موريس رمزا للخلافات بين “السكان المحليين” والوافدين الجدد من المدن، فيما باتت أصوات الريف وروائحه موضع نزاعات قضائية عدة بتهمة الإزعاج.
وتزامن هذا الجدل الذي كان له صدى كبيرا في وسائل الإعلام العالمية، مع حملة للدفاع عن أصوات المناطق الريفية وروائحها.
ودفعت الحملة النواب خصوصا إلى إقرار اقتراح قانون في يناير الماضي، يدرج مفهوم “تراث الحواس” للأرياف في القانون الفرنسي.
إلا أن فرحة موريس وصاحبته وأنصاره لم تدم ، فقد نفق الديك موريس من جراء مرض الزكام الشهر الماضي خلال فترة العزل المنزلي جراء الكورونا. قالت مدام فيسو بحزن عميق : وجدناه نافقا أمام عش الدجاج” علما أنه كان مريضا منذ أشهر عدة.
تعازينا لماكرون وللشعب الفرنسي في هذا الحدث الفاجع .. نتمنى أن لايكون آخر الأحزان.
يا له من ديك فخم وعظيم